الفصل الأول :
محمد عبد الحي .. حياته وأدبه
المبحث الثاني : أدبه
/ السودان
محمد عبد الحي من الشعراء الذين أثروا الساحة الأدبية والثقافية في السودان بإنتاجهم الأدبي الغزير ، ولقد كان إنتاجه عبارة عن شعر ، وتنظير وترجمات ، ومن ثم يمكننا أن نقسم أعماله إلى قسمين وندرسها كل على حدة :
أولاً: مؤلفاته الإبداعية (شعره)
ثانياً: مؤلفاته النثرية (الدراسات النقدية والترجمات)
غالبية هذه الكتابات تتمحور حول الثقافة السودانية ، سواء كانت شعراً أو تنظيراً ، وكان محمد عبد الحي يؤسس لخطابه الأدبي المتكامل في حياته . ويمكننا أن نحصر هذه الفترة من 1963 إلى 1980 ، أي منذ كتابته " للعودة إلى سنار" وحتى مرضه . فهو كان قد أحرق كل شعره الذي كتبه قبل 1963 لتصبح " العودة إلى سنار" هي القصيدة الأولى و" حديقة الورد الأخيرة " هي الأخيرة .
وذكر أحد الشعراء * المعاصرين له " لقد فعل ما لم يجرؤ عليه واحد منا جميعاً .. نحن شعراء الخمسينات والستينات بوجه خاص ، قام بحرق جميع أشعاره التي سبقت مطولته العودة إلى سنار واعتبر أنه بدأ الآن ـ آنذاك" (1)
والشاعر هنا يكشف عن نفسه حين يتحدث عن الشاعر التيجاني يوسف بشير فيقول :
" إن شعر الشاعر ونثره مختلفان لنشاط روحي وعصبي وذهني واحد متصل ، إن الشاعر (كل متصل) في سلوكه وتفكيره وتعبيره دون نكران سويعات الهزة الشعرية قد تتخطى كل ما يسنه الناقد من قوانين وأعراف وتتفوق عليها ، وإن كل قصيدة جديدة هي إضاءة روحية وفكرية جديدة "(2)
ويواصل حديثه قائلاً :
" حقاً إن الشاعر ربما ينقض ما كان أثبته ذات يوم ، فيخرج بذلك بعض مؤرخي الأدب ، وقد يخيب أمل بعض حوارييه فيه ، وقد يتأتى له حواريون وقراء جدد ، ولا يفعل ذلك غالباً ، إلا الشاعر المتجدد المكتشف" (3)
ثم يضيف رأي الشاعر الإنجليزي و.هـ. أودن ليدعم رأيه:
" إن آراء الكاتب ، أي كاتب هي غالباً مظاهر حواره مع نفسه عما عليه أن يفعل في مقبل أيامه وما عليه أن يتجنب فالشاعر عنده ، ناقد لا يحفل بغير كاتب واحد (هو نفسه) ولا يهتم إلا بأعمال لم توجد بعد (هي قصائده)" (4)
أولاً ـ أعماله الشعرية :
لم يكن محمد عبد الحي شاعراً فحسب بل كان منظراً ومفكراً ، صاغ هذا الفكر والتنظير في قالب شعري غير تقليدي وغير متناقض مع أطروحاته الفكرية ، ويظهر ذلك حين ندرس شعره من مدخل تقسيمه إلى مضمون (Theme) وشكل (Form) ولأنه صاغ غالبية شعره في قوالب حديثة مضمنة بمضامين حديثة ، متطورة على حسب حركة المجتمع ليعطينا هذا الشعر الساحري ، الذي كلما قرأناه ، وجدنا فيه أبعاداً جديدة لم نكتشفها للوهلة الأولى .
" فهو الشاعر المرتبط بالعصر ولكنه غير غافل عن الجوهر الإنساني الخالد المتجدد عبر دورة الحضارة وهو غير منقطع في مجتمعه . فهو أحد الأصوات القليلة في الشعر العربي والتي استطاعت أن تقدم إجابتها على جدلية الحداثة / الأصالة والالتزام / جماليات القصيدة " (5)
والمتأمل لشعر محمد عبد الحي لا يفوته أن يلاحظ ثقافته الرفيعة ، ومعرفته الواسعة فلا غرو فقد كان محمد عبد الحي أستاذاً جامعياً يدرس الأدب الإنجليزي والأدب المقارن ، اطلع الشاعر على الآداب العالمية وخبرها وقد انعكس ذلك على شعره ، وجعله شعراً شمولياً ، متعدد الأدوات الفنية فنجده يشتمل على الموسيقى ، والتشكيل ، والأساطير العالمية ، والمحلية " كان موسوعة في الثقافة ، متعدد الاهتمامات يتحدث حديث العارف المتبحر في التاريخ والسياسة والفلسفة والشعر والمسرح والموسيقى والرسم والتصوف والفلك " (6)
لم يكن محدود الثقافة فقد أخذ من الآداب العالمية والمحلية فقد تحدث " عن وضاح اليمن ، والشيرازي ، والمتنبي ، والخيام ، وابن سينا ، وابن رشد ، وابن خلدون ، وشكسبير ، وبودلير ، وطنبل ، والتيجاني ، ونيرودا ، وبيكاسو ، ولوركا ، وماركيز ، وسنغور ، كمن عاش معهم واختلط وعرف أسرار ودقائق فنونهم وصناعتهم " (7)
وقد أتاح له التنقل في أقاليم السودان المختلفة ، أن يكتسب خبرة واسعة ومعرفة بالثقافات السودانية المختلفة المتعددة والمتنوعة . وقد أدرك أبعاد هذه الثقافات بالمعايشة الحقيقية ، وهذا التنقل أعطى الشاعر بعداً انعكس على شعره " فالتأمل الناتج عن تجواله داخل الوطن منذ الطفولة يمثل نهراً باطنياً يروي أشعار هذا الشاعر " (
وتعدد الأخيلة في شعره ناجمة عن ترحاله في طفولته المبكرة فهو " جوال جاب أرض وطنه منذ أن كان طفلاً ، طبيعة السودان الثرية البكر غذت شعره وكسته غنائية ساحرية مثل الحلم " (9)
وهو " ينبهنا في حواراته المتعددة أنه تأمل ببصره وعقله وخياله الأنهار الضخمة وهي تهدر حمراء اللون والجبال والشمس المصهدة ، والزراف ، الثعابين ، الجواميس ، الوعول ، الأيائل ، الغزلان ، الأسود ، النمور ، القرود والببغاوات " (10)
كما كتب شعراً يضج بالأخيلة ، والعوالم " الفنتازيا " الأسطورية ولكنه شعر يتحسس ويمس هذا الواقع ، فهو شعر لا يعاني من انقطاع عن الواقع المعيش أو من غربة ثقافية لأنه يرى أن للشاعر مهمة تتجلى وتنحصر في كشفه لهذا العالم المادي والروحي الذي يعيش فيه " فالشاعر الذي يكشف عن كنوز الروح الجماعي هو الشاعر الذي يستجيب باللغة لنداء الكون تلك الشمس الكامنة في جسد الوطن إلى طبيعته وفي حضوره التاريخي وثقافته القوية لا في مظهرها الخارجي إنما في تحقيقها لوجودها الروحي في التاريخ وتبلور طريقتها الخاصة المنفردة في النظر إلى علاقة الإنسان بالأرض والزمان والسماء " (11)
فإذا أمعنا النظر في أعماله الفنية نجد هذا الشاعر يعمل على إظهار بعض المضامين في شعره مثل : الانبعاث الحضاري ، البحث عن الهوية السودانية ، والثقافات المحلية ، معطيات التراث الغربي ، والوجود الديني في النفس البشرية وفكرة الموت ، والفكر الصوفي ، وقهر السلطة ، والتفاوت الطبقي ، ومضامين عاطفية ومضامين كونية .
وهذا على سبيل المثال وليس الحصر ، إذ قد تكون هناك مضامين أخرى ولكن نجد أن عبد الحي على الرغم من تحرره من الشكل التقليدي للقصيدة العربية إلا أنه احتفظ بوحدة الموضوع لا في القصيدة الواحدة بل في الديوان الواحد كله . فقلما نجد شاعراً يكتب ديواناً كاملاً في موضوع واحد ففي " العودة إلى سنار " مثلاً كان سؤال الهوية يطرح وجوده في الأناشيد الخمس ، مما يجعلنا نحس أنها قصيدة واحدة طويلة وكذلك " حديقة الورد الأخيرة " نرى أيضاً فيها وحدة الموضوع ، بل يمكن أن نقول أن " العودة إلى سنار" و" حديقة الورد الأخيرة " امتداد لبعضهما البعض على الرغم من الفارق الزمني بينهما ، فيقول الشاعر في ذلك : " العودة إلى سنار هي القصيدة الأولى ، والأخيرة هي "حديقة الورد الأخيرة " وبينهما سنين ، كبر الشاب وتفرع وشرق وغرب ورجع ثانية وكان الرجوع مليئاً بكل الهدايا الثمينة التي خزنها في دمه وجبلته ، ورن عن بعد الجرس الذي يقول في ساحة المدينة إن الشاعر قد عاد ، تلك كانت قصيدة العودة ثم بعد ذلك بدأ شغله مع الناس وبالتالي كثف لغته واخترع تقاليد جديدة بلغة جديدة يقول بها الشيء الذي يقوله مرة أخرى بصورة جديدة " (12)
1 ـ نماذج شعرية للمضامين (Themes) التي ضمنها شعره :
أ - الانبعاث الحضاري :
في قصيدة مروي 1961م و(مروي) هي مملكة سودانية قبل التاريخ ، كان أهم ما في تلك المملكة ، النزوع نحو التفرد والذاتية ، حيث كانت لها لغتها الخاصة (اللغة المروية) وكذلك نبذت الآلهة المصرية واعتنقت عبادة الإله (ابيداماك) (13) ، وها هو شاعرنا يقف على (مروي) القديمة ليسترجعها بخيال شاعر معاصر رأى تلك الخصوصية ، وتمناها لبلاده . كما نجده قد تجاوزها فيما بعد ، لرمز (سنار) التي رأى أنها الأنسب في الرمز لشخص السوداني الذي هو في أصله هجين عربي زنجي مسلم بعكس شخص مروي الذي هو زنجي فقط ، ولا يمثل السوداني الآن . وأرى أنه ربما عندما كان صغيراً وغريراً كان يرى رمز (مروي) هو الأفضل ولكن بعد أن كبر وتجاوز هذا الحس الشوفيني وأدرك أن انضمام السوداني المسلم العربي هو الامتداد الطبيعي والصحيح للسودان ، وكنت قد ذكرت في مبحث حياة الشاعر في الفصل الأول (14) ، أنه عندما ادعى اليساريون أنه ينتمي إلى (أبيداماك) نفاها بعنف على صفحات الجرائد مما أورثه الكثير من الأعداء .
" حين أبحرنا إلى (سنار) عبر الليل كانت
سدرة التاريخ تهتز بريح قادم من جزر الموتى
وكان الكروان الأسود الريش يغني
في غصون الشوك صوتاً
كان غناه على شرقة (ترهاقا) قديماً ،
ثم أمعنا مع الريح على الصحراء ( والصحراء كانت
مدناً مدفونة في الرمل ، أشباحاً تراءى ،
وعظاماً نخراتٍ ) وانحدرنا عبر سور الغاب ،
والمستنقع الأخضر ، والجسر . أعُدْنا ؟
قاب قوسين . أعدنا ؟
هاهي البوابة الأولى : بساتين من النخل ، وخيلٌ
في المراعي . ها هي البوابة الأولى : أعدنا ؟
كيف لا ؟ وجهٌ برونزيٌّ ، كتابٌ ،
ونقوش ذهبيات ، ودرعٌ ،
ورماح أبنوس .
كان حلماً أن نرى النبع وميلاد الطقوس (15)
في القفر وحدي تحت شمس (مروي) أقرأ في حطام
أحجارها السوداء والرخام
أنصت للعصفور
بين بساتين النخيل والرمال والصخور
مغنيا عبر العصور .
ألمس بالكف جبين صاحبي وملكي ..
أمرر الأصبع فوق حاجب الجبهة والعيون والشفاه :
أية أشكال وراء النظر الصخري
يا مَلِكي ـ أية أحكام على الشفاه .
ليس لنا سوى القبول
ليس لنا ...
وفي انتظارك ليلة الحصاد كي تبارك الحقول
وفي انتظارك البتول ليلة التمام كي تكتمل البتول .
وحين أبحرتْ على المياه
شمسُك بين سعف النخيل
كنتُ مغنيِّك مغنِّي الأرض والإله .
في القفر وحدي تحت شمس (مروي) أقرأ ـ والبخور
يغمرني ما زال ، ما زالت مواكب النذور
تساق عبر الردهات حيث نبعت من الصخور
راقصتي السوداء
وأشرقت فيها عروق الذهب الأحمر والأسماء .
يا ملكي ... فلتأمر الآن المغني كي يغني
نغمة الرضا إلى الآلهة القديمة
باللغة القديمة
ولتبدأ الرقصة عاجلاً فصوت الريح عبر الرمل والحقول
يثقله صهيل آلاف الخيول . (16)
ب - مضمون البحث عن الهوية والثقافات المحلية :
لقد كان سؤال الهوية هذا شغل شاغل للشاعر طول عمره ، وظهر ذلك بصورة جلية في قصيدته " العودة إلى سنار" التي اعتبرها النقاد خطاب الهوية السودانية (سنتحدث عنها بالتفصيل في الفصل الثالث) ، وكذلك وظف محمد عبد الحي الموروث المحلي في طرح مضامين وأفكاراً جديدة ، وقد برع في ذلك إذ يمكننا أن نقول إنه استلهم هذه الموروثات ، لا لأنه يؤمن بالسلفية ، بل ليستلهمها ثم يفجر فيها معاني وتحاميل معاصرة ، وبذلك يحقق غرضين مهمين فيحس قارئ شعره السوداني بعمق جذوره القديمة ، وإمكانية النزوع مستقبلاً إلى عالم مشرق إذا انطلقنا من ماضينا التليد . (17)
ولقد أظهر عبد الحي في هذه القصيدة مضامين الهوية والثقافات المحلية :
الليلة يستقبلني أهلي :
خيلٌ تحجل في دائرة النار ،
وترقص في الأجراس وفي الديباج
امرأة تفتح باب النهر وتدعو
من عتمات الجبل الصامت والأحراج
حراس اللغة ـ المملكة الزرقاء
ذلك يخطر في جلد الفهد ،
وهذا يسطع في قمصان الماء .
الليلة يستقبلني أهلي :
أرواح جدودي تخرج من
فضة أحلام النهر ، ومن
ليل الأسماء
تتقمص أجساد الأطفال .
تنفخ في رثة المداح
وتضرب بالساعد
عبر ذراع الطبال .
الليلة يستقبلني أهلي :
أهدوني مسبحةً من أسنان الموتى
إبريقاً جمجمة
مصلاة من جلد الجاموس
رمزاً يلمع بين النخلة والأبنوس . (18)
ج - مضامين معطيات التراث الغربي :
كما أسلفنا في المبحث الأول فأن محمد عبد الحي قد درس الأدب الإنجليزي والأدب المقارن فتوفرت لديه معرفة عميقة وواسعة بالتراث الغربي ونجد ذلك واضحاً في استلهامه لبعض الرموز من الثقافة الغربية التي غالباً ما يحملها مضامين ومغازي جديدة وكأني به يريد أن يؤكد على الأبعاد الإنسانية الجمعية للأدب ، يقول :
ثم لما كوكب الرعب أضاء
ارتميت .
ورأيت ما رأيتُ :
مطراً أسود ينثر سناء من نحاس وغمام أحمر .
شجراً أبيض ـ تفاحاً وتوتاً ـ يثمر
حيث لا أرض ولا سقيا سوى ما رقرق الحامض من رغو الغمام وسمعت ما سمعت :
ضحكات الهيكل العظميّ ، واللحم المذابْ فوق فسفور العبابْ
يتلوى وهو يهتز بغصات الكلامْ .
وشهدت ما شهدتُ :
كيف تنقض الأفاعي المرعده
حينما تقذف أمواج الدخان المزبده
جثةً خضراء في رملٍ تلظى في الظلام .
صاحبي قلْ ! ما ترى بين شعاب الأرخبيلْ
أرض " ديك الجنّ " أم " قيس" القتيل ؟
أرض " أوديب" و" لير" أم متاهات "عطيل" ؟
أرض " سنغور" عليها من نحاس البحر صهدٌ لا يسيلْ ؟ (19)
د - مضمون الوجود الديني في النفس البشرية :
يرى محمد عبد الحي أن الثابت في الإنسان هو وجود العنصر الديني المتأصل في النفس البشرية ونراه دائماً يؤكد على ذلك في كثير من أشعاره :
إشارة محمدية
فاجأتنا الحديقة
فاجأتنا الحديقة انعقدت ورداً وناراً في قلبها الأضواء
والخيول النورية البيضاء
والطواويس نشرت في بلاد الصحو ريشاً منسجاً
كل شيء في غصون الحقيقة
آسُ نارٍ ، وموجةٌ في بحار عميقة
من لهيب ومن جمال ويمن
يسقط الطير قبل أن يدرك الساحل منها
مستقبلاً في ابتهاج حريقه .
فاجأتنا الحديقة
فاجأتنا الحديقة الزهراء
أشرقت في مركزها القبة الخضراء
وتوالت بشرى الهواتف أن قد ولد المصطفى وحق الهناء ،
واكتست بالنور الجديد من الشمس ابتهاجاً وغنت الأسماء . (20)
هـ - مضمون الموت :
نجد أن فكرة الموت وهو " أول مراحل الانبعاث " تسيطر على الكثير من أعماله فهل هي هذه الرؤى الاستشرافية التي تميز هذا الشاعر المتنبئ ؟
قد مرض وهو في عنفوان شبابه ومات وهو في السادسة والأربعين بعد صراع مع المرض الذي أورثه العجز واليأس ، قد كتب قصائده تلك قبل مرضه هذا ، ولكن فكرة الموت دائماً ممددة في كثير من أشعاره ، ومن ذلك يقول :
إقرعي في عتمة الصمت المدوِّي
يا نواقيس الرياح الأربعة
على ذاك الميت يصحو ويغني
تحت شمسٍ مبدعة . (21)
هنا أنا والموت جالسان
في حافة الزمان
وبيننا المائدة الخضراء
والنرد والخمرة والدخان
من مثلنا هذا المساء . (22)
و - مضمون المعطيات الصوفية :
درس عبد الحي الرومانتيكية وأعجب بـ " التيجاني يوسف بشير" ولكنه وجد أنها حركة انغلاق على النفس لأنها حركة ذاتية ، ثم اتجه إلى الصوفية التي يرى أنها انفتاح على الكون والوجود والإنسان ، وقد كانت هذه المسحة الصوفية غالبة على جل شعره :
ركعتان للعاشق
اذبــــح فـــــؤادي إنني بك يـــــا حبيب متيم
أيضيء مصباح الهوى إن لــم يضئ فيه الدم
إني وقفت أمـــــــام بابك بالـعـــــــذاب أجمجم
لأراك تـشــرق في الظلام وفي المشارق أظلم
أنت الزوابــــــــع ينحدرن فــــلا يغالبها مجنّي
أنت الزلازل هدمت حصني ففي التشريد أمني
وسجنتُ فيك معانـقـــا حريــتي في ليل سجني
وقتلت فيــــك مغنياً للموت مــــا جهل المغني
جهلوا فـمــــا يدرون أنـــا ملتقى وتـــــرٍ ولحن
كالخمر تنمو في دم المخمور مــــــن كرمٍ ودن
أسفرت فيَّ ، فإنني مــــرآة وجهك يـــا جميل
وسملت عيني كي أراك بعيــــن قلبي يـــا خيل
فأنـــا الضرير يقودني شـــوقي إليك ولا دليل
وأراك دوني محض وهــم مشرق فوق الزمان
وأراك دون قصائدي لغة تفتش عن لسان(23)
ز - مضامين قهر السلطة والتفاوت الطبقي :
تظهر هذه المضامين في كثير من أشعار محمد عبد الحي خاصة في شعر سنوات السبعين التي ظهر فيها قهر السلطة في أقصى مظاهره ، فترة حكم الرئيس جعفر نميري (24) وكذلك بدأ التفاوت الطبقي يظهر في المجتمع السوداني بصورة واضحة ، ونورد هنا هذا النموذج ليدلل على ذلك ، فيقول الشاعر في قصيدة (التنين) :
رفرف التنين في ليل المدينة
أخضر الجلدة وهاج الشعل
وأنار النهر ، فالأصداف في الماء مرايا
والحصى في الرمل أزهار غريبة
وهدايا
من مغارات الفراديس الرهيبة .
ورآه الناس في غمرتهم بين اندهاشٍ ووجل :
فرآه الشرطي
ورآه اللص في مكمنه
ورآه صبية السوق ينامون على كوم القمامة
ورآه رجل القصر الفسيح
ورأته امرأة الكوخ الصفيح
ورأته العاهرة
ورآه الطفل والشحاذ والسكران :
وهْم ما رأوه أم حقيقة
أم حديقة
صعدت في السحر
للعلى ، أم هبطت من شرفات القمر .
رفرف التنين في ليل المدينة
صمتت أجهزة المذياع في كل البيوت
وأزيز الطائرات
ورزيز العربات
وضجيج الحافلات
والمطابع
والمصانع
والمحطات وأحياء البغاء .
وسرى في الصمت شيءٌ كالغناء
بعضهم قال : علامة !
بعضهم قال : " استعدوا ، إنه يوم القيامة "
" النهاية .. النهاية .. النهاية "
" البداية .. البداية .. البداية " . (25)
ح - مضامين عاطفية :
نلاحظ أن محمد عبد الحي قلما يكتب شعراً عاطفياً ، كما ذكرت آنفاً في المبحث الأول أنه كان قد أحرق كل الكتابات العاطفية في السابق ، لأنه يرى أنها تناقض ولا تتطابق مع رؤاه وأفكاره لهذا العالم ، ولذلك نجد بعض القصائد العاطفية ، ولكنها محملة بتحاميل فكرية وفلسفية ، ففي قصيدة (سماء الجسد) :
حبيبتي عيناك كوكبان ولكنك لا ترين شيئاً .
اليد كالقيثارة تغني أثناء الحديث .
الجسد كالقيثارة يغني تحت الأغطية ،
أو يعكس بروج النجوم في العرام .
رحلتي في جسدك رحلة شتاءٍ وصيف .
أنت مكة النساء
شعرك يسيل موسيقا وزخرفة .
الثور يحرث الحقل ،
اللبوة تصرخ في الغابة
الوردة السحرية تلتهب في أعماق كهوف العقيقْ
الفخذان يرتعدان مثل فهدين
سماء الرجل تغطي أرض المرأة
التفاحة العطنة ترجع للغصن القديم . (26)
كما نجد الشاعر في قصيدة (حب في زمن فقير) :
كان ندى الليل على شعرها
وفي قميصي من قميصها طيوب
الأرض تستعير من غمائم الربيع ما يستر من فقرها
كأنها مسافرٌ مسلوب
ونحن في الريح التي تعول في قفرها
لا شيء غير العري والوحشة والرعب الذي تركه جمالنا المنهوب . (27)
ط - الأبعاد الكونية :
نجد أن الأبعاد الكونية التي هي سمة بارزة في أشعار محمد عبد الحي تتمحور في غالبية قصائده ، فكيف لا ومحمد عبد الحي صمد طول عمره وسعى من خلال شعره أن ينظم هذا العالم المختل ويعيد توازنه في رؤية متكاملة مع نفسه والكون من حوله ، ليثبت العالم الإنساني الموحد والمرتبط بالوجود لكل الكائنات والظواهر الطبيعية . ومن شعره رأيت أن قصيدة (سمندل في حافة الغياب) هي أنموذج أمثل تتجلى فيه الأبعاد الكونية:
لو ضاع في نزوعه البحري ، فالعباب
ـ عبر زمان البحر ـ والملح سينحتان من عظامه المبلوره
حدائقاً من صدف تضيء في صيف الليالي المقمره
على رمال ساحل الغياب
وهي على منسجها منتظرة
تسير بالزمان للأمام مرةً ، ومرة تعود بالزمان القهقرى
لبرهة تضيء خارج الزمان حيث تلتقي
ببرهة الغربة برهة الإياب
كنّ يغنين على الصخرة ، والجدائل المنتشره
أزهار فسفور على الخليج
الجسد الأخضر مسقيٌّ بلون البحر
ومشبعٌ بعسل الزنابق المسمومة الأريج
في الحلم الرافع في الليل مرايا الماءْ
غريبة النقوش والأسماء
كان يرى النحل الذي يزحم مشغولاً جذوع الشجر القديم ، والجذور
تمص لحم الأرض في شهوتها الطينية العمياء (28)
وحينما أجهش صوت الموجة المنحسرة
كان يرى الطيور في الصيف إلى أعشاشها المبعثرة
تعود ، والدم الذي يزبد ، في حضوره الأنقى ، على التراب
ووقفة السمندل ، المبتل بالنار ، على الخضرة فوق حافة الغياب
وهي على منسجها منتظرة
في الصمت ، بعد آخر الليل وقبل أول النهار
تنصت للحوار
يمعن بين البحر والأرض بصوت اللغة القديمة
اللغة الأقدم من مجادلات النصر والهزيمة
الأقدم الأنقى من الهجرة والإياب في مرافئ الأسى والانتظار
في العدم الساكن ، بين لغة البحر وشكل النار . (29)
وكذلك قصيدة (وطن الموت) التي يظهر فيها مظاهر الطبيعة :
الموت كان وطناً يضيء في المطر
أمام عينيك
هنا النحل يجيش في مخابئ الشجر
مستغرقاً يطبخ زبد العسل البريّ والعصير في الثمر
منعقدٌ . وفي الهواء
من ذكر النحل لقاعٌ . والحقول
مثقلة بالتبر . هذا آخر الفصول
فالشمس فوق الأرض تستميت . والسماء
وارية الزرقة . والأشياء
تسكن في سعادة التمام
النضج مس كل شيء : تمت الشهوة حتى سقطت
في ظلمة الذكرى وبئر الدم والأحلام .
وتم شكل الفكر في الكلام . (30)
وبهذا يتضح لنا أن مضامين الشاعر بها تنوع وعمق ، كما نعرف أن "محمد عبد الحي" تناول عدداً كبيراً من المضامين الفكرية والثقافية ، فشعره الغزلي لا يقوم على علاقة بين امرأة ورجل ولكنها علاقة إنسانية ذات أبعاد وجودية ، كما نرى أن فكرة الانبعاث الحضاري ليست ناجمة عن مكان بعينه بل هي انبعاث إنساني كامل .
طرق هذا الشاعر أشياء جديدة وسابقة لأوانها عندما كان الصراع في السودان ما زال بين الشعر الحديث والقديم نجده بدأ يكتب عن الهوية السودانية نائياً بنفسه عن هذا الصراع الشكلي .
وخلاصة القول : إن محمد عبد الحي عندما بدأ يكتب الشعر قد كان هناك تراكم كميٌّ وكيفيٌّ في الشعر السوداني ، فلم يتأثر بهذا فقد كان دائماً يحافظ على تفرد صوته . ويسعى لذلك . وعلى هذا نراه قد أعجب بنموذجين لشاعرين سودانيين هما إسماعيل صاحب الربابه شاعر السلطنة الزرقاء ، وكذلك التيجاني يوسف بشير .
ونجد أن مجذوب عيدروس قد ذكر أن محمد عبد الحي يعتقد أنه امتداد لهاذين الشاعرين وقد كتب قصيدة تتبع فيها إسماعيل صاحب الربابه وهي قصيدة " حديقة الورد الأخيرة " وكذلك كتب قصيدة " هل أنت إلا إشارة " للتيجاني يوسف بشير الذي جمع محمد عبد الحي أعماله وحققها وكتب عنه الكثير من المقالات ، وفي هذا يقول مجذوب عيدروس: " إن عبد الحي نظر في مرآة شعر التيجاني وفي مرآة شعره فأذهله توحد الفهم رغم الفوارق في العصر والثقافة والبيئة وصوره في تجليات العبقرية تتجدد صورها والجوهر واحد " . (31)
ثانياً ـ الأعمال النثرية والترجمات :
كتب محمد عبد الحي بجانب الشعر كثيراً من الأعمال النثرية وهي أعمال غير إبداعية ، ولكن معظمها دراسات نقدية لأعمال شعراء محليين أو عالميين ودراسات في الثقافة وبعض الكتابات السياسية .
وقال سعد عبد الحي : " في الفترة الأخيرة من حياته لم يكن محمد يهتم بكتابة الشعر ، وكان جل اهتماماته قد تحول إلى معالجة قضايا الثقافة والفكر في السودان وكان يردد دوماً بأن الثقافة في السودان لم تعد بكثير حاجة إلى الشعر بقدر حاجتها إلى الفكر ووضع الأسس " (32) . كما يقول محمد عبد الحي :
" نحن لم نكتب الشعر من أجل الشعر .. الشعر كتبناه من أجل قضية ومن أجل هدف ولكن نحن بحاجة الآن إلى فكر ومفكرين " . (33)
ومن ثم يمكن تقسيم أعماله النثرية إلى قسمين :
1 ـ أعماله التطبيقية .
2 ـ أعماله التنظيرية .
1 ـ الأعمال التطبيقية :
هي عبارة عن دراسات نقدية حومت حول مجموعة من الشعراء السودانيين مثل التيجاني يوسف بشير الذي اهتم به محمد عبد الحي اهتماماً كبيراً حيث جمع له أعماله النثرية وحققها وقد أثار هذا الكتاب ضجة في السودان ، وكذلك كان يريد أن أن يحقق ديوانه (إشراقة) على الرغم من أن هذا الديوان قد حقق بواسطة هنري رياض ، كما كتب كتابه (الرؤية والكلمات قراءة في شعر التيجاني يوسف بشير) (34) . كما يجدر أن ننبه أنه قد كتب كثيراً من المقالات عن التيجاني يوسف بشير نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر :
1 ـ الرؤيا والكلمات قراءة جديدة في شعر التيجاني . (35)
2 - التيجاني يوسف بشير الهيكل الشعري (طبيعة الشعر ومهمة الشاعر) . (36)
3 ـ صورة الشعر عند التيجاني يوسف بشير . (37)
كما نجد أن الأساطير والقصص الشعبية كانت تستهويه إلى درجة كبيرة ، فلا غرو فقد كان يضمنها بكثرة في أشعاره وكذلك كتب عنها بعض المقالات نذكر منها على سبيل المثال:
1 ـ العرب والأساطير الإغريقية . (38)
2 ـ الشيخ إسماعيل صاحب الربابة (التأريخ والنموذج الأسطوري لمفهوم الشاعر في كتاب الطبقات) . (39)
وكذلك من المجالات التي اهتم بها هي الأدب الإنجليزي وهو مجال اختصاصه الأكاديمي وقد كتب كثيراً من الدراسات النقدية التي حومت حول الأدب الإنجليزي ونذكر منها :
1 ـ الملاك والفتاة ـ الضرورة والحرية في شعر أدوين موين . (40)
2 - التقليد والتأثير الإنكليزي والأمريكي على الشعر العربي الرومانتيكي . (41)
3 ـ التراث والتأثير الخارجي في كتابة الرومانتكيين العرب . (42)
4 ـ أنشودة المطر بين أليوت وشيلي والتراث العربي . (43)
كما كتب بعض المقالات النقدية حول دواوين سودانية مثل :
1 ـ البراءة والتجربة في نار المجاذيب . (44)
2 ـ متاهة المرايا ـ رومانتكية الثورة في ديوان الجواد المكسور . (45)
كما أيضاً كتب بعض الكتب عن الثقافة السودانية وهي :
1 ـ الهوية والصراع . (46)
2 ـ السياسة الثقافية في السودان . (47)
وخلاصة القول إن الشاعر محمد عبد الحي قد أسس لخطابه الأدبي الإبداعي بوضعه خطة أدبية نظرية شمولية تحدد مفهوم الشعر عنده والنقد ورأيه في المدارس الأدبية ، وكذلك اهتم بالأدب المقارن . وأهله لذلك معرفته الممتازة باللغة الإنجليزية وسعة اطلاعه باللغتين العربية والإنجليزية . كما تحدث أيضاً عن فهمه لما ينبغي أن تكون عليه الثقافة السودانية .
2 ـ الترجمات :
عني الشاعر محمد عبد الحي بالترجمات ، فهو قد قام بترجمة كثير من الأعمال النظرية والشعرية من اللغة الإنجليزية إلى العربية وقد قال عن الترجمة :
"هناك نقاط مرتبطات حول مفهوم الترجمة الشعرية في اللغة التي يستعملها المترجم في بيئة ثقافية أخرى ـ فاللغة ارتباط بالحضارة الموضوع في بيئته الثقافية ـ يدل على المعنى الثقافي الحضاري والمعنى اللغوي والموضوعان مرتبطان (الواقع) من خارجنا و(الذهن) من داخلنا فالشجرة في إنكلترا ـ مثلاً ـ تدل على تأريخ عميق بازدهارها فإذا ترجمت من نص شعري فقدت أغلب دلالتها ومحتواها لأن الشجرة في بيئة عربية ذات تأريخ حضاري يضرب في أعماقها ويختلف اختلافاً بيناً عن الشجرة الغربية " .
ويضيف موضحاً ما يرمي إليه :
" ولكنه مختلف في الذهن الثقافي ويصبح الانشقاق مريعاً بين اللغة (الوضعية) واللغة الذهنية أو الثقافية والحضارية " .
فيضيف في معرض حديثه عن رأيه في الترجمة :
" إذا بدأنا عملية انتقال اللغة إلى لغة أخرى فالاثنان اللغة والحضارة مرتبطان ارتباطاً وثيقاً لا فكاك منها " .
وبعد ذلك وضح رأيه في المترجم حيث قسم المترجمين إلى نوعين ، المترجم الخلاق ، والمترجم المثالي :
هذه الفلسفة اللغوية الحضارية عن قصد أو غير قصد .
ومن هذا المنطلق فقد قام محمد عبد الحي بترجمة كثير من القصائد لكتاب إنجليز وكذلك لكتاب أفارقة :
1 ـ قصيدة أغنية حب ، ج. الفرد بروفروك ، التي كتبها ت.س. اليوت (1888 ـ 1965) التي نشرت في مجلة " شعر" الأمريكية سنة 1915.
2 ـ نشر كتاب أقنعة القبيلة به عدة قصائد لشعراء أفارقة مثل "سنجور" و"سيزار" . (48)
وخلاصة القول ان محمد عبد الحي كان كاتباً معطاءً ومجوداً . ولقد عكست أعماله هذه ثقافته الواسعة وتعدد منابعه . وقد اكتفينا بهذا القدر من أعماله لأن هذا البحث أصلاً عن أعماله الشعرية ولكن ارتأيت أن أقدم نماذج لأعماله النثرية في هذه العجالة .
الهوامش :
* الشاعر : هو الشاعر مصطفى سند.
1 سند ، مصطفى: (محاولة الولوج إلى عالم عبد الحي)، مجلة حروف، العدد (2 ـ 3)، مزدوج، دار النشر، جامعة الخرطوم، ص 175.
2 عبد الحي، محمد: التيجاني يوسف بشير، السفر الأول، الآثار النثرية الكاملة، ص 5.
3 المرجع السابق نفسه.
4 المرجع السابق نفسه.
5 عيدروس، مجذوب: (القصيدة والفكرة)، مجلة حروف، ص 146.
6 البنا أحمد الأمين: (رأيت عبد الحي)، حروف، ص 181.
7 المرجع السابق.
8 المرجع السابق.
9 المرجع السابق.
10 المرجع السابق.
11 عيدروس، مجذوب، ص 142.
12 البنا، أحمد الأمين: (رأيت عبد الحي)، ص 180.
13 ابيداماك: إله في مملكة مروي، راجع كتاب: الإله آمون في مملكة مروي، تأليف عمر حاج الذاكي، مطبوعات كلية الدراسات العليا، جامعة الخرطوم، 1983.
14 هذا البحث، ص 44.
15 حروف، العدد المزدوج، ص 191.
16 المرجع السابق، ص 190.
17 إنني هنا لا أعني أنه كتب على نهج الواقعية الاشتراكية حتى لا يتأول هذا إلى غير محمله ولذا وجب التنويه. الباحثة.
18 عبد الحي، محمد: العودة إلى سنار، ص 8 ـ 9.
19 عبد الحي، محمد: العودة إلى سنار، ص 16.
20 عبد الحي، محمد: الأعمال الكاملة، ص 76.
21 عبد الحي، محمد: ديوان حديقة الورد الأخيرة، الطبعة الأولى، 1984، دار الثقافة للنشر والإعلان، ص13.
22 المرجع السابق، ص 4.
23 المرجع السابق، ص 28.
24 جعفر نميري قاد الانقلاب العسكري سنة 1969 في مايو على حكومة ديمقراطية وجثم على أنفاس الشعب السوداني من مايو 1969 إلى ابريل 1985م حكم فيها البلاد بقبضة من حديد.
25 ديوان حديقة الورد الأخيرة، ص 11 ـ 12.
26 المرجع السابق، ص 44.
27 المرجع السابق، ص 14.
28 عبد الحي: الأعمال الكاملة، ص 160.
29 المرجع السابق، ص 105.
30 ديوان حديقة الورد الأخيرة، ص 54.
31 عيدروس، مجذوب، (القصيدة والفكرة)، حروف، ص 148.
32 عبد الحي سعد: (لم يعد السمندل يغرد في بيتنا)، حروف، ص 124.
33 المرجع السابق.
34 دار ابن زيدون، بيروت.
35 مجلة الثقافة السودانية، نوفمبر 1976.
36 مجلة الدراسات السودانية، العدد الأول، أغسطس 1985.
37 مجلة الثقافة السودانية، السنة الأولى، العدد الثاني، فبراير 1977.
38 مجلة الثقافة السودانية، فبراير 1977.
39 مجلة حروف، العدد الأول، 1990، دار النشر، جامعة الخرطوم.
40 طبع بمطبعة جامعة الخرطوم، وهو أطروحة الشاعر لنيل الماجستير.
41 طبع بمطبعة جامعة الخرطوم، وهو أطروحة الشاعر لنيل الدكتوراه.
42 مجلة حروف، العدد الأول، 1990.
43 مجلة المعرفة الشعرية، أكتوبر 1979م.
44 مجلة الخرطوم، 1971، المجلس القومي للآداب والفنون.
45 مجلة الدراسات السودانية، 1988.
46 طبع بمطبعة جامعة الخرطوم، سنة 1976.
47 طبع بفرنسا، المؤسسة الصحفية، اليونسكو، 1982.
48 طبع بمطبعة جامعة الخرطوم.